-A +A
خالد طه
مازلنا ندفن رؤوسنا في الرمال .. ومازلنا نحاول أن نثبت بشتى الوسائل أننا مثاليون لايمكن للخطأ أن يجد إلينا سبيلا .. أو أننا لايمكن أن نرتكب أية أخطاء .. رغم أن الخطأ من طبيعة الناس وإمكانية حدوثه ممكنة في كل مجتمع وزمان ومكان !
ورغم كل الظواهر والأحداث التي تشير بوضوح إلى أن هناك خطأ ما في مسألة ما .. إلا أننا نبادر فورا إلى النفي والتعقيب والرد بأن كل شيء على “ مايرام “ وأن كل ما يتحدث عنه الآخرون من أخطاء مثبتة لا يعدو كونه اصطيادا في المياه العكرة لوأد الجهود الدؤوبة التي نقوم بها ولحجب النجاحات الكبرى التي نحققها يوما بعد آخر.. وأن كل ذلك ليس إلا أكاذيب ملفقة منبعها الحسد والغيرة !

هكذا نحن .. لم نمتلك بعد شجاعة الاعتراف بالخطأ ومحاولة معالجته .. ولم نمتلك بعد ميزة من ميزات التقدم والحضارة والشفافية والوضوح وهي ميزة القدرة على تحمل مسؤولية الأخطاء وتحمل عواقبها .. بل إننا نبادر فورا إلى بذل محاولات مستميتة لمواراة هذا الخطأ أو المشكلة وعكس صورته ليبدو وكأنه “ مسألة بسيطة “ جدا ليست لها أية أهمية رغم أن هذه الأخطاء أوحالات الإهمال التي أدت إليها تتعلق أحيانا بحياة الناس أو صحتهم أو ممتلكاتهم حتى ولو كانت مجرد “ إبل “ أو معاجين أسنان مسرطنة أو مأكولات تتسبب في أمراض أو علل صعبة لايرجى لبعضها شفاء إلا برحمة ربي !
والمشكلة الإضافية .. أنه عندما يثبت الخطأ .. ويبدأ الحديث عنه بالإثبات والبرهان والدليل فإننا نتنصل منه ومن مسؤوليته ونحاول التملص من تبعيته بإلقاء اللوم والمسؤولية على آخرين أو جهات أخرى .. وإذا وجدنا أن السهام تتجه بشكل مباشر إلينا وتحملنا مسؤولية تلك الأخطاء بحيث لامناص من تحملها .. فإننا نعثر في جرابنا على حيلة سريعة ومأمونة أخرى تنقذنا وتحول بيننا وبين المساءلة فنقول بأننا “ معذورون “ لأننا لم نستكمل بعد في إداراتنا الإمكانات اللازمة التي تتيح لنا السيطرة الكاملة على الحيلولة دون حدوث تلك التسريبات أو المشكلات .. أو الأخطاء !
هكذا نحن ومازلنا .. ويبدو والحال كذلك أن الأمل مازال بعيدا لنكون “ شفافين “ واضحين ..لدينا قدرة كاملة على أن نقول “ نعم أخطأنا .. وهذا خطأنا .. ونحن مستعدون لتحمل تبعاته حتى لوكان ذلك استقالة أو إحالة لمساءلة أو تحقيق ! “